إارتديت السواد و في طريقي للقطار
كانت لدينا اليوم رسالة أردنا أن تصل للنظام الحاكم في مصر و للعالم كله و هي اننا
بنات و نساء مصر و رجالها شبابها و كهولها مش خايفيين و لن ترهبنا أساليبكم القذرة الشيطانية التي لم تحدث في تاريخ مصر و لم نتخيل أن تصل لهذا الإنحطاط فقد تعدى هذا النظام كل الخطوط الحمراء , جئنا أيضا لنقول ان كل ما يحدث في سجون هذا النظام البوليسي قد أنفضح ورأينا و رأى العالم بأسره منه مشاهد مروعة و نحن نعلم أن ما خفي هو أبشع .
و في طريقي للنقابة الصحفيين قابلت بعض ممن تم ضربهم في يوم الاربعاء الأسود و سألني أحدهم إذا كنت قد أحضرت معي ما أدافع به عن نفسي اليوم حيث أن هذا النظام الفاجر نتوقع منه أي شيء و كل شيء
و مش بعيد يعمل فينا زي ما عمل المرة اللي فاتت و قد كنت بالفعل قد فكرت في اليوم السابق ماذا يمكن أن احضره لأدافع به عن نفسي إذ ربما إعتدى علينا هؤلاء الانذال و لكنني لم أصل لشيء مناسب فنحن نذهب و هدفنا سلميا و لا يمكن أن نلجأ للعنف و في الطريق إقترح علي احدهم
أن أحضر إسبراي مزيل للعرق فإذا تعرضوا لي أرشه في عيونهم و فعلا توقفت أمام صيدلية و قمت بإحضار زجاجة و قد تمنيت ان تكون منتهية الصلحية حتى تصيبهم بالعمى إذا امتدت أياديهم القذرة علي أو على أي إمراة اخرى
ذهبنا للنقابة, الكل يرتدي السواد نساء و رجال و قفنا وسط المتظاهرين و بدأت الهتافات و كان أحدهم يهتف حسني مبارك فنرد "باطل" , "حبيب العادلي" "باطل ,الإستفتاء "باطل" , مجلس الشعب "باطل" ,مجلس شورى "باطل" كمال الشاذلي "باطل", جمال مبارك "باطل" ثم هتفنا مع التصفيق باطل باطل باطل و طالبنا بإقاله وزير الداخلية و محاكمة كل المجرمين الذين إشتركو في إهانة أشرف و انبل نساء و رجال مصر و كانت عدسات القنوات الفضائية و الصحف ووكالات الأنباء تصورنا و لمحت أيضا المذيعة بثينة كامل و هي ترتدي السواد و كانت تقف معنا ثم تحركت بكاميراتها الخاصة لتصور المشهد و لم أتعجب أنها حضرت بالرغم من إنها من أهل ماسبيرو فأمام ما حدث يوم الأربعاء الأسود تسقط كل الاعتبارات و الانتماءات فهو فعل فاضح و مرفوض على كل المستويات و لكن أيضا يشهد بالشجاعة لبثنية كامل حيث أنها كاتبة بجريدة الدستور لاتي أقلقت راحة النظام و كشفت عوراته كثيرا و حضورها اليوم قد يعرضها أيضا لمضايقات
و على سلالم نقابةالصحفيين و أثناء وقوفنا رأيت إمراة تحاول إختراق الصفوف للصعود و تجد صعوبة فمددت يدي أساعدها لأكتشف انها الكاتبة فتحية العسال سالتها "هو حضرتك فتحية العسال" فأجابت "أيوه انا" ,ساعدتها حتى وصلت بجانب الصحفية نوال السيد علي التي إعتدى عليها المجرمون و مزقوا ملابسها و تداولت الكثير من الصحف ووكالات الأنباء صوره أثناء الاعتداء عليها
و على سلالم نقابة الصحفيين أيضا رأيت كل الوجوه التي ضربت و تم الإعتداء عليها و سجلتها الكاميرات فهذه ضربوها و تحرشوا بها و أخرى مزقوا ملابسها و ثانية حبسوها مع أحرين في أحد الصيدليات و ثالثة و رابعة
كلهن حضرن في شجاعة و كنت استمع لقصص و حكايات مرعبة عن ذلك اليوم حتى أن بعضهم كان قد فقد الأمل في الخروج حيا في ذلك اليوم
و بالقرب كانت عبير العسكري الصحفية بالدستور تقف في شموخ و قد ربط احد ذراعيها بعد أن أصيبت بخلع في كتفها من جراء الإعتداء الوحشي عليها
كان في وجهها سلام غريب و كانت نظراتها مطمئنة و هي تنظر لمن حولها و لسان حالها يقول انه" طالما أننا جمعيا معا فلا خوف و لن يرهبنا احد و رغم من إصابتي فانا هنا مرة أخرى" , جاءت عبير في هدوء و هتفت معنا ضد الظلم الذي اصابها و اصابنا جمعيا و هتف كمال خليل مشيرا إليها و إلينا "مصر يا ام بناتك اهم ولادك أهم دول علشانك شالو الهم "
كان ممن رأيتهم أيضا و الذي وقف في المقدمة "محمد عبد القدوس" و أيضا حضر "محمود بكري" وطبعا عبد الحليم قنديل مرتديا السواد .
استمرت المظاهرة أو الوقفة الإحتجاحية ما يقرب من الثلاث ساعات رفعت فيها شعارات تطالب بإقالة العادلي و أثناء ذلك كان هناك مؤتمرا صحفيا في قاعة بالنقابة تحدث فيه بعض الشهود و على رأسهم الصحفية نوال علي و أيضا تحدث كتاب و صحفيين أخرون و بعد انتهاء المظاهرة و انصراف الحشود الأمنية مرت ساعة تقريبا عندما خرج بعض المتظاهرين مرة أخرى و خرجنا معهم و خرج الباقون من باب نقابة الصحفيين و هنا رأينا تخبط اجهزة الأمن فبعد انصراف العساكر و ضباط الأمن المركزي لم يجد ضابط المرور ابو تلات دبابير إلا عساكر المرور ليحيطونا و كان المشهد مضحكا و هو ينظر في كل اتجاه و يستدعي عساكر المرور و يتكلم في اللاسلكي و بعد مرور ربع ساعة تقريبا وجدنا حشود الكلاب قد بدأت تعود مرة أخرى لتلفنا و لكن هذة المرة كان الوقت قد تأخر و كان علي أن ألحق بالقطار فإخترقنا الصفوف و استطعنا الخروج الحمد الله