Sunday, February 27, 2005

عن تدخل الآخرين فى شئون بيوتنا

هذا المقال من موقع الحركة المصرية من أجل التغيير
علاء الأسواني
كانت لدى أسرتى شقة خالية فى شارع المواردى بالسيدة زينب، وكنت أقيم فيها أيام الامتحانات فى الجامعة حتى أتفرغ للمذاكرة، وقد رأيت فى هذه الشقة صورا بديعة للحياة المصرية الشعبية: كان يسكن أمامنا، فى الطابق الأول من بيت قديم متهدم، جزار يدعى المعلم جلال، ضخم الجثة وشرس الطبع للغاية، وكان مولعا بالخمر يحتسى منها كل ليلة أردأ الأنواع وأشدها فتكا فيتحول وهو سكران الى ثور هائج وما إن يدخل الى بيته قرب الفجر حتى يستيقظ الناس فى الشارع على صرخات زوجته وهى تستغيث لأنه يضربها بقسوة.. وكان بعض السكان ، وأنا منهم، يتعاطفون مع المرأة المسكينة فيقفون على الرصيف المقابل بحيث يرون حجرة المعلم جلال ثم تعلو أصواتهم بالنصائح الطيبة: اخز الشيطان يامعلم.. الصلح خير ياجماعة..
وكان قائد هذه المساعى الحميدة عم عوض العلاف وهو رجل نحيف جاوز السبعين لكنه يتمتع بالكثير من الحكمة والشجاعة.. وذات ليلة تشاجر جلال الجزار كعادته مع زوجته لكن المشاجرة تطورت حتى فوجئنا به يخرج سكينا كبيرا، كان منظرها اللامع مخيفا لنا، نحن الواقفين على الرصيف المقابل من أجل الفرجة والتهدئة، وانطلقت صرخات الزوجة تمزق سكون الليل: الحقونى ياناس.. حيدبحنى ورد عليها المعلم جلال بصوت أجش كالخوار: حاخلص عليك.. اتشهدى على روحك.. ولما وصل الأمر الى هذا الحد هرول عوض العلاف ونحن وراءه، صعدنا الى شقة الجزار وأخذنا نطرق الباب بعنف و الحاح حتى اضطر فى النهاية الى أن يفتح لنا فاندفعنا الى الداخل وأبعدنا المرأة عنه وطوقناه بأجسادنا وانتزعنا منه السكين وأخذنا فى تهدئته ولم ننصرف حتى أصلحنا بينهما..
وفى اليوم التالى جاء الجزار ليعاتب عم عوض قائلا : أيصح أن تتدخل بين الرجل وامرأته..؟! وأجاب عوض من فوره: يصح طبعا اذا كان سيقتلها.. حتى لوقتلتها .. مراتى يا أخى..أنا حر فيها لأ طبعا.. ازاى تقتلها وتقول أنا حر..؟ ..أنا لا أسمح لأحد بأن يتدخل فى بيتى وهنا نظر عوض الى الجزار مليا ثم قال بهدوء: اذا كنت تكره أن يتدخل أحد فى بيتك.. احترم نفسك.. ------
تذكرت هذه الواقعة وانا أتابع قضية الدكتور أيمن نور الذى لا أعرفه شخصيا وأختلف معه فى أشياء كثيرة لكنى أدافع عن حقه كمواطن فقد سمحت له الحكومة بتكوين حزب الغد، وما كاد يبدأ نشاطه السياسى بالمطالبة بتعديل الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح.. حتى حدث أمر غامض وانقلبت الحكومة عليه: رفعت عنه الحصانة البرلمانية فى 10 دقائق وتم اعتقاله وضربه واهانته وتهديد زوجته بتلفيق قضية آداب لها اذا دافعت عنه، واكتشفت صحف الحكومة فجأة أن أيمن نور أسوأ مواطن فى مصر والعالم العربى فلم تترك نقيصة الا وألصقتها به.. حتى الدكتوراه التى حصل عليها أكد الكتاب المنافقون أنها زائفة ولا يعتد بها أبدا..! ما سر هذا الانقلاب.؟!.
تؤكد الحكومة أنها تحاكم أيمن نور لأنه قدم توكيلات مزورة من أجل تأسيس حزبه، وهذا كلام لايقنع طفلا صغيرا .. فرئيس أى حزب ليس خبيرا فى الخطوط حتى يكتشف بعينه المجردة ان كان الختم على التوكيل مزورا أم سليما.. كما أن أى حزب، طبقا للقانون، يحتاج الى 50 توكيلا حتى يتقدم بطلب لتأسيسه، وقد كان أيمن نور حاصلا على خمسة آلاف توكيل، أى أنه لم يكن بحاجة الى التزوير أصلا .. والواضح أن أجهزة الأمن دست على أيمن نور بعض التوكيلات المزورة حتى تستعملها للتنكيل به عند اللزوم.... القضية، اذن، سياسية وملفقة و ظالمة ولا يمكن الدفاع عن شرعيتها أبدا.. ومن هنا كان طبيعيا أن تتناولها الصحافة الغربية كنموذج لقمع النظام المصرى لمعارضيه السياسيين، وهنا هاج المسئولون فى مصر وماجوا وأعلنوا رفضهم القاطع للتدخل الأجنبى.. ولنا هنا ملاحظات :
أولا: أى وطنى مصرى يرفض التدخل الأجنبى فى شئون بلاده مهما يكن السبب .. لكن المدهش حقا أن النظام المصرى يرفض التدخل الأجنبى فقط عندما يتعلق الأمر بقمع المصريين.. أما فى كل المجالات الأخرى فان النظام يرحب بالتدخل الأجنبى ويسعى اليه .. ففى الاقتصاد والسياسة الخارجية قام النظام المصرى بتنفيذ التعليمات الأمريكية بحذافيرها، بل ان كبار المسئولين قد أظهروا أكثر من مرة اشفاقهم على الجيش الأمريكى من تزايد خسائره فى العراق وتقدموا باقتراحات علنية لتقليل هذه الخسائر وعرضت الحكومة المصرية استعدادها لتدريب افراد الشرطة العراقية من أجل ضرب المقاومة طبعا ، فأين كانت كرامتهم الوطنية عندئذ..؟ وقد نفذت مصر كل الطلبات الأمريكية الوقحة بدون اعتراض من أول تسليم الجاسوس عزام وحتى اعادة السفير المصرى الى اسرائيل واتفاقيات الكويز.. المسئولون فى مصر، اذن، لا يجدون أية غضاضة فى التدخل الأجنبى فى شئونهم بل انهم يسعون اليه ويباهون بالعلاقة الخاصة مع أمريكا ويتهمون كل من يطالبهم باستقلال الارادة الوطنية، بأنه جامد التفكير ومن مخلفات العصر الشمولى.. أما اذا كان موضوع التدخل الأجنبى يخص القمع والاعتقال والتعذيب وغيرها من الجرائم التى تقترف فى حق المصريين.. فان المسئولين، عندئذ فقط، يرفضون التدخل الأجنبى ويتشدقون بالكرامة الوطنية.
ثانيا: الولايات المتحدة، فعلا، آخر من يحق له الحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان .. وجرائم الجيش الأمريكى فى جوانتنامو وأبوغريب لازالت فى الأذهان.. كما أن الحكومات الأمريكية، منذ الحرب العالمية الثانية دأبت، من أجل ضمان مصالحها، على تقديم الدعم لأسوأ الحكام العرب وأكثرهم استبدادا .. والملف الأمريكى فى أمريكا اللاتينية أقذر بكثير، فقد تآمرت المخابرات الأمريكية، باعتراف مسئوليها، من أجل الاطاحة بحكومة ديمقراطية منتخبة فى شيلى عام 1973 وتم قتل رئيسها سلفادور الليندى وتسليم السلطة لعملاء أمريكا.. كل هذا تاريخ معروف يمنعنا من الثقة بأمريكا عندما تتحدث عن الديمقراطية... ولكن يقتضينا الانصاف ، أن نذكر أن الغرب لم يعد ينحصر فى الولايات المتحدة والدول الاستعمارية .. فهناك مئات المنظمات الغربية غير الحكومية، والمتطوعون فى هذه المنظمات يدافعون عن حقوق الانسان باعتبارها قيمة انسانية و يفضحون انتهاكاتها فى كل مكان حتى فى الدول الغربية نفسها.. وهذه المنظمات محترمة و مسموعة الصوت فى الغرب ولها تأثير على الرأى العام هناك، أكثر من الحكومات نفسها .. كما أنه من ناحية المبدأ والقانون لا يمكن اعتبار اعتقال الأبرياء وتعذيبهم من الشئون الداخلية للدول، لأن هذه الجرائم موجهة ضد الانسانية كلها ومن حق أى انسان أن يدينها.. فعندما يعتقل النظام المصرى ثلاثة آلاف مواطن مصرى فى العريش شهورا طويلة بدون محاكمة ، ويتم تعذيبهم وصعقهم بالكهرباء وهتك أعراض النساء أمام أزواجهم وأبنائهم .. لا يمكن اعتبار هذه الجرائم البشعة شأنا مصريا داخليا.. لأن تعذيب الأبرياء وانتهاك آدميتهم ليس من شئون الوطن فى شيء أخيرا..
أتمنى أن يدرك المسئولون فى مصر أن الأوضاع لم تعد تحتمل ولا يمكن أبدا أن تستمر كما هى:. الرئيس مبارك، بعد ربع قرن من السلطة، يستعد لتنظيم استفتاء جديد سوف يحصل فيه كالعادة على 99% ليستمر فى حكمنا الى الأبد ومن بعده يحكمنا الأخ جمال مبارك وربما يحكمنا ابن جمال من بعده..فقر وبطالة وظلم اجتماعى فاحش.. قمع وتزوير وتنكيل بالأبرياء حتى صارت الحياة مستحيلة على ملايين المصريين..
وقد ظهرت فى الفترة الأخيرة اشارات هامة أتمنى أن يفهمها المسئولون قبل فوات الأوان، أتمنى أن يسألوا أنفسهم...: ما الذى دفع كاتبا معروفا مثل محمد السيد سعيد الى أن يواجه رئيس الدولة بحقيقة الأوضاع المؤلمة فى البلد..؟!..و كيف تكونت الحركة المصرية للتغيير واستطاعت فى شهور قليلة أن تضم الى عضويتها آلاف المثقفين الوطنيين ..؟! ما الذى يدفع أساتذة جامعة ومواطنين محترمين الى النزول الى الشارع واحتمال الضرب من جيش الأمن المركزى لمجرد أن يرفعوا أصواتهم بكلمة كفاية لحكم مبارك..؟.. لماذا احتشد آلاف الطلاب من جامعة القاهرة وفتحوا أبوابها عنوة حتى ينضموا الى مظاهرة حركة كفاية الأخيرة ..؟! كل هذه اشارات مؤكدة، لاتخطئها عين، الى أن التغيير ضرورة وضريبة سوف يدفعها النظام قريبا.. اما طوعا أو كرها.. المصريون فى شوق للحرية والعدل والحياة الكريمة.. هذه هى القضية.. أما الذين يعتبرون قمع المصريين حقا لهم، على طريقة الجزار جلال مع زوجته .. فنحن نقول لهم، كما قال عم عوض..العلاف الحكيم: اذا أردت الا يتدخل أحد فى شئون بيتك.. احترم نفسك.
------الرائد محمد فريد، رئيس مباحث قسم مشتول السوق بمحافظة الشرقية قام يوم 24/1 بتعذيب المواطن محمد سالم لاجباره على الاعتراف بارتكاب سرقة، وقد نتج عن هذا التعذيب كسر بالعمود الفقرى، مما أدى الى اصابة المواطن المذكور بشلل كامل فى الساقين وعجز كامل وانعدام القدرة على السيطرة على البول والبراز .
الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب
00000رائحة الجلد المشوى تفوح من مقر أمن الدولة بالعريش من فرط تعذيب مئات المعتقلين بالكهرباء..
جريدة التجمع
000000حقوق الانسان فى مصر شهدت فى الفترة الأخيرة.. نقلة مهمة..
بيان للخارجية المصرية
0000000نؤكد لكم أن أيمن نور لم يتعرض للضرب مطلقا وبالنسبة للاصابة الموجودة أسفل عينه اليسرى فقد نتجت عن اصطدام وجهه باصبع أحد رجال الأمن أثناء القبض عليه....
بيان لمجلس الشعب
000000لنتخيل، لا قدر الله، لو أن من يحكم مصر، كان أقل حكمة من سيادة الرئيس مبارك.. كانت ستحدث كارثة..
مصطفى الفقى
000000لابد من ابلاغ المواطنين مسبقا قبل قطع المياه..
الرئيس حسنى مبارك
العربي